رغم ان الدنيا تمتلئ من حولنا بنعم الله تعالى التى لاتُعد ولا
تحصى إلا انها وفي حقيقة امرها دار ابتلاء وليست دار نعيم فكم من إنسان أبتُلِليَ
بمرض عضال او فقد مال او وفاة عزيز غالٍ . وليست المشكله في نزول البلاء ولكن
المشكله في كيفية تعامل كثير من البشر معه ! ويحضرني هنا قصة فتاة كانت في الخامسة
عشر من عمرها تقريبا جاءتني والدموع تنهمر من عينيها وعلمت منها ان سبب حزنها هو
فقدانها لاختها الوحيدة والتي تكبرها بأربعة أعوام ، وقد دار بيننا الحديث التالي
: -
-
لا أستطيع ان أصف لكِ
يادكتوة كم هو الحزن الذي اشعر به ، فلم تكن اختي هذه مجرد اخت عاديه بل كانت لي
بمثابة الأم والصديقه ، ألجأ إليها وقت شدتي وأبث لها همي وحزني واستشيرها في كل
امر يُشكل علي
·
هذا معناه ان اختك
كانت إنسانه طيبة وعظيمة
-
نعم إن كلماتي تعجز
عن وصف أخلاقها الراقية وحنانها الزائد لقد كانت تنصحني دائما بالاستزادة من فعل
الخيرات وترك سماع الأغاني ورؤية التمثيليات التي لا طائل من ورائها وعندما توفت
رأينا وجهها مضيئاً تعلوه ابتسامة جميلة
·
هنيئا لاختك فما
رأيتموه يبشركم باذن الله تعال بأن قبرها سيكون روضة من رياض الجنة ، ومهما طال
بالمسلم فأعظم مُناه هو ان يكون من اهل الجنه فكل ماعلى الدنيا إلى الزوال فالمال
يذهب ولايبقى منه إلا ما انفقناه ابتغاء مرضاة الله تعالى والمنازل والقصور تُهدَم
والجاه والمنصب يفنى والشهادات تبلى ولا يبقى لنا إلا اعمالنا الصالحة التي
اديناها ابتغاء رضوان الله تعالى حتى الاعمال العادية – ( مثل تناول الطعام
والشراب والنوم ) – لو نوينا ان تكون كوسيلة تعيننا على طاعة الله تعالى وكذلك اي
عمل دنيوي كالمذاكرة والعمل وزيارة الاهل اذا كانت نيتنا ان يكون خالص لوجه الله
تعالى لتحولت حياتنا كلها إلى ثواب عظيم يوضع في ميزان حسناتنا يوم القيامة .
-
ولكن يادكتوره فراقها
يؤلمني فكل مكان في البيت يذكرني بها وأتألم لانني لن استطيع ان اراها مرة ثانية
·
سأخبرك بعدة امور
تهون عليك حزنك
اولا عندما تمري
بمكان يذكرك باختك ، قولي لنفسك انها الآن وبفضل من الله تعالى في مكان افضل منه ،
انها الآن في الجنة ، وحاولي ان تتخيلي صورة اختك وهي في احسن حال ممكن وهي تتنزه
في اجمل حديقة يمكنك تخيلها ، ثم قولي لنفسك ان اختك ارتاحت من مرضها الذي كانت
تعاني منه ، وارتاحت من مصاعب الدنيا ومصائبها فكما اخبرنا عليه الصلاة والسلام ان
الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، طمأني نفسك بان اختك لو كان لكم ان تجمعو كنوز
وتمنحوها لها لكي تعود إليكم فسترفض فما عند الله تعالى هو خير و أبقى . ثم من قال
لكِ انك لن ترينها مرة ثانية ، ياعزيزتي ان الدنيا اقصر مما نتصور والايام تمر
باسرع مما نتخيل وباذن الله تعالى يجمع الله بينك وبينها في جنة الخلد
-
ولكن ليس هذا بالامر
السهل ولن استطيع ان اتخلص من الحزن بسهولة
* انني لا اقول لك ان
الحزن سينتهي بين يوم وليلة ولكن الحزن درجات ويمكنك بالاستعانه باالله تعالي
ودعائه باسمائه الحسنى خاصة " ياذا الجلال والاكرام يا ارحم الراحمين "
ان تخفف من حزنك لأقل درجة ممكنه ، ويعينك كذلك ان تشغلي نفسك دائما بعمل من اعمال
الدنيا والاخره واكثري من الصحبة الصالحة التي تعينك على ذكر الله تعالى ثم اسئلي
نفسك هذا السؤال " هل ستستفيد اختي من الحزن ؟ " وبالطبع الرد سيكون
" لا " ثم اطرحي على نفسك هذا السؤال " وكيف اذن استطيع ان انفع
اختي ؟ " ولا شك انك تعرفيني الاجابة
انك بالاكثار من الاعمال الصالحة مثل اخراج الصداقات وقراءة القران الكريم
بنية ان يثيبك الله تعالى ويثيب اختك عليها وكذلك الدعاء لها وهي واموات المسلمين
بالرحمة والمغفرة واداء العمرة والحج لها . كل ذلك يخفف عنكِ ويحول دفة تركيزك من الالم والحزن والعذاب إلى
التركيز على شغل كل اوقاتك بإرسال هدايا طيبة لها من الاعمال الصالحة . وتذكري انك
لو صبرت وجاهدت حزنك ورضيتي بقضاء الله تعالى فإنك ستحصلين على اجر الصابرين وكما
قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " ومن يتصبر يُصبره الله " صدق رسول
الله صلى الله عليه وسلم تذكري دائما قوله تعالى " إنما يُوفى الصابرون اجرهم
بغيرِ حساب " ( الزمر : 10 ) صدق الله العظيم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق