الجمعة، 10 أغسطس 2012

داوو مرضاكم بالصدقة - بقلم د / حنان حسن عيسى



لا يُدرك قيمة النعمة إلا من حُرِمَ منها  ومن أهم النعم التى انعم الله تعالى بها على الإنسان نعمة الصحة . فالمريض لن يرى جمال الكون من حوله ، ولن يشعر بحلاوة الطعام الذي يتذوقه والنزهة الجميلة ستكون له بمثابة معاناة لا داعى منها.
وكل ذلك مصداقا للمثل الشائع " الصحة تاج على رؤو س الاصحاء لايراه إلا المرضى " ويخفف من معاناة المريض المُسلم علمه ان بصبره على مرضه ستُكفر عنه سيئاته وتزيد حسناته وتُرفع درجاته عند ربه . ومع كل ذلك الفضل الذى يناله المريض الصابر من الله تعالى إلا انه لن يألوا جهدا في البحث عن دواء لدائه وذلك امتثالا لقول رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم
" تداوو عباد الله فإن الذى خلق الداء خلق الدواء او فإن لكل داء دواء ، علمه من علمه وجهله من جهله او كما قال عليه السلام . وقد اجرى احد العلماء المشهورين في مجال الطب التقليدي والطب المُكمل - وهو الدكتور ديباك شوبرا مجموعة من الابحاث على العديد من المرضى المصابين بأمراض خطيرة أهمها السرطان بمختلف انواعه ووجد انه مهما كان نوع المرض وشدته فإن هناك نسبة من المرضى يحدث لهم الشفاء التام فبحث د/ شوبرا عن سر شفائهم ووجد ان بعضهم شُفى تماما بعد تناوله لدواء معين او شربه لعصير العنَب او بعد تناوله  كمية كبيرة من فيتامين " ج " والبعض الاخر حدث له الشفاء بسبب كثرة صلاته او دعائه لله تعالى او لأنه كان يمارس التأمل  اذن فالشفاء قد يحدث لسبب او لآخر ولكن ماهو العامل المشترك الذى جمع بين هؤلاء المصابين بأمراض مستعصية ؟ ما الذى ميزهم عن غيرهم من المرضى ؟ .. من خلال بحثه وجد د/ شوبرا انهم جميعا يمتلكون اعتقاداً ايجابيا في انهم سيشفون لا محالة وكذلك لديهم اتجاها ايجابيا نحو الحياة فهم متفائلون ويرون دائما الجانب المشرق من كل شئ . ونحن كمسلمون لدينا اعتقاد جازم بان الله تعالى هو الذى يمنح الشفاء سواء على يد طبيب معين او بواسطة علاج محدد ، ونعتقد ايضا ان اخراج الصدقات بنية شفاء مرضانا سيكون سببا بمشيئة الله تعالى في الشفاء وذلك مصداقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " داوو مرضاكم بالصدقة " فكم قصة سمعنا عنها او قرأناها عن أناس اصيبو بأمراض يعجز الطب عن مداواتها ومع ذلك بمجرد ان اخرجوا الصدقات للفقراء والمحتاجين حدث الشفاء المعجزة واتذكر هنا قصه وصلتني من الهيئه القطرية للاوقاف مفادها ان سيدة مسلمة جلبت عاملة من احدى دول شرق آسيا لتعاونها في المنزل وعندما علمت بأن هذه السيدة تركت خلفها رضيعاً عمره ايام منحتها صدقه كبيرة تعادل مرتب عامين مع تذكرة سفر وطلبت منها العودة لرضيعها حتى يفطم ووعدتها بالاستمرار في مساعدتها - جزاها الله خير الجزاء - وكانت هذه السيدة تعاني من مرض خطير يهدد حياتها وبعد ان تصدقت بهذا المبلغ الكبير لاحظت تحسناً غريبا يطرأ على صحتها وعندما ذهبت للطبيب فاجئها بأنها شفيت تماما من مرضها ، وهناك العديد من القصص الجميلة - والتى نشرتها الشرق الغراء في شهر رمضان المبارك - تشير إلى نفس المغزى . وكما يحتاج المرء لتأمين كل سبل السعادة في حياته الدنيويه - ( من صحة ومال وتعليم .. الخ ) يحتاج المؤمن ان يُؤمن سعادته في دار البقاء والتى لاموت فيها ويعينه على ذلك
- ( اضافة لافعاله الصالحه المتنوعة ) - يترك صدقة جارية او ولدا صالحا يدعو له ( سواء بنت او صبي ) او علم ينتفع به وتقدم الهيئة القطرية للاوقاف جزاهم الله خيرا - مجموعة من الخدمات والمصارف الوقفية والتى تعين المسلم على الاستثمار لآخرته باساليب سهلة بسيطة . ما احوجنا جميعا - ( ونحن في هذا العالم المتصارع ذي الخطوات السريعة والذى يغرق الكثير من اجزائه في عالم الماديات وطلبات الدنيا التى لاتنتهى ) - ان نقف وقفه صريحة مع انفسنا ونعيد حساباتنا فالدنيا مهما طالت بنا فهى إلى زوال ، والآخرة مهما بَعُد عن بعضنا صورتها فهى الحقيقه التى لا مفر منها . اخيرا اذكر نفسي واياكم بقوله سبحانه وتعالى " وتذودوا فإن خير الزاد التقوى " صدق الله العظيم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق